• الرئيسية
  • |
  • عنا
  • |
  • تواصل
  • | |
  • سجل مجاناً

يعيش عدد من الأطفال بقرى بني تيدجيت إقليم فكيك (شرق المغرب) خارج منظومة التربية والتعليم، رغم الخطط المختلفة التي وضعتها الحكومة لتعميم التعليم وجعله إجباريا إلى سن 16 سنة.
تقول مليكة، وهي من سكان المنطقة، للجزيرة نت، إن المدرسة بعيدة بعدة كيلومترات عن الأسر التي تسكن في بيوت طينية متناثرة ومتباعدة، لذلك يمتنعون عن إرسال أبنائهم وخاصة البنات إليها، أما أولئك الذين تحدوا المسافة وحالفهم الحظ وجلسوا على مقاعد الدراسة، فإن مسارهم ينتهي في المستوى الإعدادي.
وتتوقع هذه المواطنة أن تنتهي مبررات بعض الأسر بعد توفير السلطات النقل المدرسي المجاني للتلاميذ، لكنها تضيف أن هناك عائلات أخرى لن تتوانى عن منع بناتهم من استكمال تعليمهن الإعدادي في الداخليات التي أنشئت لغرض تقريب التلاميذ من المدرسة، لتفضيلهم تزويجهن في سن مبكرة.
ويزداد قلق الفاعلين التربويين بسبب أعداد المنقطعين عن الدراسة وخاصة المرحلتين الإعدادية والثانوية، بالرغم من الجهود المبذولة لوقف هذا النزيف.
وقررت وزارة التربية اللجوء للقضاء في مواجهة الأسر التي تحرم أبناءها وبناتها من حقهم في التعليم، ووقعت أخيرا اتفاقية مع رئاسة النيابة العامة بهذا الخصوص.
وأوضح الوزير سعيد أمزازي -في لقاء مع مسؤولين تربويين- أن هذه الخطوة تستند إلى الدستور، معتبرا أن مسؤولية ولوج التلاميذ للمدرسة تقع على عاتق الأسر والدولة، لذلك يقول "وقعنا شراكة مع رئاسة النيابة العامة، وفي حال امتنعت أسرة عن أخذ ابنها للمدرسة يمكننا اللجوء (إلى) السلطات المحلية وبعد ذلك للقضاء".
وبلغ عدد المنقطعين عن الدراسة الموسم الماضي ما يزيد على 300 ألف تلميذ حسب بيانات رسمية، ضمنهم 160 ألفا في التعليم الإعدادي، وهو رقم مرتفع مقارنة مع المواسم السابقة، وغادر التعليم خلال الموسم الدراسي 2017-2018 حوالي 222 ألف تلميذ في المستويات الابتدائية والإعدادية، 183 ألفا في الإعدادي.
وتترك هذه الأرقام أسئلة مفتوحة بالنظر للإصلاحات التي شهدتها منظومة التربية والتكوين منذ سنوات، والبرامج التي أطلقتها الحكومات لمكافحة التسرب الدراسي.
يقول نور الدين العكوري رئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ إن القانون الإطار للتربية والتكوين يتضمن النصوص التشريعية التي تنظم العلاقات بين جميع مكونات المؤسسة التعليمية، بما فيها الأسرة.
وأضاف -في حديث مع الجزيرة نت- أن جمعيات الآباء تطالب في كل مناسبة الوزارة بتوفير جميع الظروف والإمكانيات لتمكين جميع الأطفال من حقهم في التعليم، وبالمثل تطالب الأسر بتحمل مسؤولياتها في تسجيل أبنائها في المدارس وضمان استكمال التعليم الإلزامي.
وأشار إلى أن تلويح وزارة التربية باللجوء للقضاء في مواجهة الأسر -التي تمنع أطفالها من التعليم- إجراء يدخل ضمن واجبها الذي ينص عليه القانون العام، وفي مصلحة التلميذ وحقه الذي تضمنه المواثيق الوطنية والدولية.
ولفت إلى أن بعض الأطفال يرغبون في متابعة دراستهم لكن أسرهم ترفض بدعوى الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتعويلها على الطفل لتوفير دخل إضافي، وأحيانا يحدث انشقاق داخل الأسرة يدفع ثمنه الطفل بحرمانه من حقه في التعليم.
وأطلقت وزارة التربية السنوات الماضية عددا من البرامج لمواجهة التسرب الدراسي، من بينها توزيع مليون محفظة على التلاميذ، وتوفير خدمات النقل المدرسي والدراجات الهوائية على التلاميذ، وإنشاء دور الطالب والطالبة والداخليات لإيواء البعيدين عن المدرسة، والإطعام المدرسي والدعم المادي المشروط لفائدة الأسر المعوزة.
كما أطلقت -بالتنسيق مع المجتمع المدني في عدد من المدن- مدارس الفرصة الثانية وهي مفتوحة في وجه التلاميذ الذين انقطعوا عن التعليم وأبدوا رغبتهم في العودة لمقاعد المدرسة، وغيرها من البرامج.
ويرى العكوري أنه -بالنظر للبرامج المتعددة التي أطلقتها الحكومة والميزانيات المرصودة لها- فإنه لا ينبغي تسجيل هذه الأعداد من المنقطعين عن المدرسة، وحذر من أن البلاد ستواجه جيلا جديدا من الأميين الصغار والشباب في الوقت الذي ما زالت تكافح للتغلب على مشكلة أمية الكبار والشيوخ.
وتوقع أن التلويح بمقاضاة الأسر قد يجعلها تتحمل مسؤولياتها ويمنعها من المس بحق أطفالها في استكمال تعليمهم، وخاصة المرحلة الإلزامية.
أما عبد الصمد الزياني رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الهدر المدرسي، فيرى وجوب حل أسباب التسرب الدراسي المتعددة والمتراكمة قبل اللجوء للمحاكم والقضاء.
ففي نظره، القضاء يعالج المسألة من ناحية قانونية صرفة، ولا يمكنه معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها الأسر التي ينقطع أبناؤها عن المدرسة.
وأشار إلى أن بعض ممثلي السلطات يتدخلون بشكل ودي وتطوعي لترغيب الآباء في تسجيل أبنائهم بالمدرسة، وتذليل الصعوبات التي تمنعهم من ذلك، وخاصة خلال الحملات الخاصة بالتسجيل بداية المواسم التعليمية، وهي الحملات التي يتجند لها أعوان السلطة، وهذا العمل قد يؤتي ثمارا أكثر من مسار التقاضي.
وفي نظر الزياني، فإن البرامج التي أطلقتها الحكومات المختلفة لمنع التسرب الدراسي مهمة، والميزانيات المرصودة لها كبيرة، لكنها تصطدم بتحديات وإشكالات في تطبيقها على أرض الواقع وتوجيهها ليستفيد منها مستحقوها.
وأمام قصور الخطط الحكومية المعلنة عن الوصول لنسبة 100% في تعميم التعليم، وإبقاء التلاميذ في مقاعدهم المدرسية لسن 16 على الأقل، يبقى التساؤل ملحا: هل يكون القضاء آخر دواء تعالج به المملكة ظاهرة التسرب المدرسي المعقدة أم سيزيدها تعقيدا؟ استنجدت الدول العربية بالتعليم عن بعد لإنقاذ الموسم الدراسي، فهل أخفقت أم نجحت بهذا في مواجهة كورونا؟ الإجابة تتعلق بإمكانات كل دولة على حدة، حيث تواجه كل دولة عقباتها الخاصة.
تكلفة حرمان الأطفال من الدراسة باهظة، إذ تؤدي إلى حرمانهم من العلم وفقدان عادة التعلم، وإن التطبيقات الإلكترونية المستخدمة في التعليم عن بعد مثل تطبيق زوم بديل سيئ.
يستعد الطلاب في المغرب للعودة إلى مقاعد الدراسة، لكن جائحة كورونا تحول دون عودتهم إلى المدارس، وتسعى المؤسسات التعليمية في المملكة إلى اعتماد الدمج بين الدراسة عن بعد والحضور إلى المنشآت التعليمية.
تقدّر الأمم المتحدة عدد الأطفال الذين تأثروا بإغلاق المدارس بسبب كورونا بحوالي 1.
5 مليار طفل.
وكشفت الجائحة تفاوتا كبيرا بين مناطق العالم في الاستفادة من مزايا التعليم عن بعد.
...

سجل تعليقك الأن على المقال