• الرئيسية
  • |
  • عنا
  • |
  • تواصل
  • | |
  • سجل مجاناً

السلمية لا تساوي الاستسلام، ومن الإجرام تعليم الرجل ألا يدافع عن نفسه وهو ضحية لهجمات شرسة مستمرة.
"فاشل، ضائع، غبي، لن يفلح أبدا، ليس من أهل التعلم"، لا تضع لابنك عنوانا سلبيا لأنه إما سيتبناه أو يعاندك وهنا تخسر أنت.
سيرة القائد الحقوقي الأميركي مالكوم إكس تُعلّم الآباء أن يغفروا البدايات ويحافظوا على الأمل بالنهايات، فقد ترك المدرسة فعلم أجيالا، واضطُهد فقاد حركة حقوقية، وسجن فنادى بالحرية للجميع، حتى حوّل ماضيه في السرقة والاتجار بالمخدرات إلى عثرات فرشت طريقا صالحا، ليصبح قائد ملهما لأجيال من الشباب الأميركي المتعطش للعدالة.
مالكوم: "لا يوجد أفضل من الشدائد، كل هزيمة، وكل حسرة، وكل خسارة، تحتوي على بذرتها الخاصة، ودرسها الخاص حول كيفية تحسين أدائك في المرة القادمة".
"الموتى ينهضون"، قالها مالكوم إكس حين رأى متابعين له من مدينة هارتفورد بولاية كونيتيكت الأميركية مفعمون بالحماس لتخطي عقبة العنصرية، واليوم بعد مرور 56 عاما على وفاته ما زالت صورته سندا لكل أم وأب واعيين.
فقد قُتل والده وانهارت أمه، فدخلت مستشفى للأمراض العقلية، ورباه إخوته، ووقع في أخطاء متقاربة مما يواجهه الشباب اليوم، وخرج من كل منها بحكمة ننقلها ونفصّل دروسها.
مالكوم: "يضعون عقلك في حقيبة ويأخذونها إلى حيث يشاؤون".
لقد كان مالكوم ليتيل طالبا متفوقا في الإنجليزية والتاريخ، وفي كل مادة تعتمد على النقاش، وكانت العنصرية جزءا من حياته، حتى من معلمه المفضل الذي سأله في الصف الثامن عمّا يحب أن يعمل حين يكبر، فأجابه "محاميا"، فرد المعلم: "عليك أن تكون واقعيا، المحامي ليس هدفا واقعيا لزنجيّ".
مالكوم: "التعليم  جواز سفرك للمستقبل، فالغد ينتمي للذين يعدّون له اليوم".
المدرسة كانت القشة التي أنهت اهتمامه بالتعليم النظامي، فقد تشرّب فكرة أن العنصرية البيضاء ستعوق تقدمه مهما اجتهد، فلجأ إلى حياة العصابات والاتجار بالمخدرات والسرقة التي أودت به إلى السجن، حيث قضى ساعات طويلة في المكتبة ليشبع شغفه للتعلم، واستمر في تثقيف نفسه حتى ازدهرت شخصيته القيادية ومهارته الخطابية.
مالكوم: "لا يوجد شيء في كتابنا القرآن يعلمنا أن نعاني في سلام".
ويضيف: "ديننا علمنا أن نكون أذكياء.
كن سلميا، كن مهذبا، اتبع القانون واحترم الجميع، لكن لو وضع أحدهم يده عليك، أرسله إلى المقابر"، فقد كان مالكوم يؤمن بالعدل والكرامة والمساواة لا بالضعف والاستسلام.
كان مؤمنا بحق الدفاع عن النفس، وكانت هذه نقطة خلاف بينه وبين الحقوقي مارتن لوثر كينغ التي تراجع كينغ عنها فيما بعد.
رأى مالكوم أن السلمية لا تساوي الاستسلام، وأن من الإجرام تعليم الرجل ألا يدافع عن نفسه وهو ضحية لهجمات شرسة مستمرة.
مالكوم: "لا تتعجل في الإدانة لأن أحدهم لا يقوم بما تقوم به، ولا يفكر كما تفكر أو بنفس سرعتك.
لقد مرّ بك وقت لم تكن تعلم فيه ما تعلمه اليوم".
في السجن، سمع مالكوم عن إلايجا محمد الذي يؤمن مريدوه بأنه نبي يوحى إليه، وكان يترأس منظمة أمة الإسلام التي مزجت بين القومية السوداء مع بعض تعاليم الإسلام.
متعطشا لطريق تحفه العزّة، قرر مالكوم أن يلتحق بالحركة، ثم بعد خروجه من السجن، اجتهد فيما اعتقد أنه الحق فترقى في المنظمة، حتى اتضح له كذب إلايجا محمد وفساده فتركه وهو يعلم أنه كسب أعداء لن يتركوه.
مالكوم: "حان وقت الشهداء، فإن صرت منهم، فسيكون ذلك من أجل قضية الأخوة.
هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنه إنقاذ هذه البلاد".
ولد مالكوم إكس في 19 مايو/أيار 1925، واغتيل وهو في الـ39 من عمره، لكن ليست العبرة بالسنين التي تقضى على الأرض بل بالطريق الذي يحفر خلالها، فعادة ما يحلم الآباء بوصول أبنائهم إلى برّ الأمان، وإذا سألتهم ما بر الأمان؟ قالوا أن يتخرجوا في الجامعة ويتزوجوا ونرى أولادهم، ولكن كل خطوة في هذا البر غير مضمونة، فالأمان هو أن يترك الإنسان أثرا طيبا، أما البقية فزيادات جمالية.
انفصل مالكوم إكس عن إلايجا محمد وسافر إلى الحج وإلى دول عربية وأفريقية، فتوسعت آفاقه وغيّر معتقداته ليتبنى الإسلام السني ونظرة تطمح إلى العدل للجميع دون استثناء، وتفتحت عيناه على أن صلة المبادئ أعمق من صلة الرحم ومن لون الجلد، ثم تم اغتياله على يد من اتهموا بأنهم تابعون لحركة أمة الإسلام في 21 فبراير/شباط 1965.
بعد 55 عاما من مقتله في 21 فبراير/شباط 1965، يعاد التحقيق في الحادث الذي طالما أثيرت الشكوك حول نزاهته، واعتبر باحثون ونقاد أنه أدان رجالا بصورة خاطئة وأرسلهم للسجن.
رأى نشطاء حركة القوة السوداء أن نضال حركة الحقوق المدنية التي تعود جذورها إلى أواخر القرن 19 لم يكن كافيا، وآمنوا بضرورة التغيير بكل الوسائل الممكنة دون إعلان نبذ العنف.
تناولت حلقة (2021/2/15) من برنامج “المرصد” نضال الأميركيين من أصول أفريقية في ذاكرة الصحافة، بدءا من مارتن لوثر كينغ إلى حركة “حياة السود مهمة” في الوقت الراهن.
وجد مالكوم إكس نفسه أمام فوهة مصوبة إلى صدره بست عشرة رصاصة لم تخطئه أي منها، وقبل أن يسقط مبتسما كعادته خلَّف من ورائه إرثا ثقافيا ونضاليا لم ينتهِ بذهابه
...

سجل تعليقك الأن على المقال