
لا تقع في فخ تحريف ما يقوله الطرف الآخر لجعله يبدو متطرفا أو غير منطقي، نصيحة ضمن خطوات إن اتبعتها ستتجنب الأزمات بسبب النقاشات السياسية.
يقول الدكتور ستيف كروفت -وهو طبيب أعصاب من مدينة هيوستن- إن عائلته المكونة من 5 أفراد كانت تعيش في وئام كامل حتى عام 2018 عندما بدأ ينشر رسائل داعمة للرئيس السابق دونالد ترامب على فيسبوك وتويتر، يتعلق أغلبها بقضية إدارة العيادات الطبية الخاصة.
طلب منه أبناؤه أن يتوقف عن ذلك، وعندما أصر على أنه لا يفعل شيئا خاطئا -محاولا شرح أسباب دعمه لترامب- كان رد فعلهم عنيفا للغاية.
في تقرير نشرته مجلة "تايم" (Time) الأميركية، تقول الكاتبة بيلندا لوسكومب إن حالة الانقسام السياسي داخل عائلة كروفت ليست ظاهرة معزولة في الولايات المتحدة، حيث تُظهر دراسة أجراها مركز "بيو" للأبحاث والإحصائيات -على هامش الانتخابات الرئاسية الأخيرة- أن 85% من الأميركيين يعتقدون أن الناخبين الذين يؤيدون الجانب الآخر لا يفهمونهم جيدا.
كما يرى عدد متزايد من الأميركيين أنه من غير المناسب أن يتزوج أبناؤهم من أشخاص يختلفون معهم سياسيا.
وحسب الكاتبة، فقد كرّس الرئيس السابق حالة الانقسام في المجتمع الأميركي خلال فترة رئاسته، وما زال تأثير الاستقطاب يتعاظم ويُفسد العلاقات الشخصية حتى بعد رحيله عن السلطة.
لذلك، انتشرت الفترة الماضية الدورات والندوات الخاصة بمعالجة الانقسام السياسي داخل العائلات الأميركية، ومنها دورة عبر الإنترنت حضرها الدكتور كروفت أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، نظمتها مؤسسة "بريفر أنجيلز" (Braver Angels) التي تأسست بعد الانتخابات الرئاسية عام 2016، وتستخدم أساليب تواصل علاجية لمساعدة الأميركيين على إدارة اختلافاتهم السياسية.
لدى "بريفر أنجيلز" نظام تصنيف لمختلف أنواع الشخصيات، فهناك "المسالم" الذي يحاول تجنب أي تلميح للصراع ويحاول إنهاء النقاش بأسرع وقت، و"القناص" الذي يوجّه الانتقادات دون التدخل في النقاش ثم يتراجع، و"المصارع" الذي يهاجم كل من يختلف معه، و"المدافع" الذي يصف موقف الطرف الآخر بطريقة خاطئة لكسب النقاش، و"المتفرج" الذي يختار دائما عدم الدخول في النقاش، وأخيرا "المنفتح" الذي يحاول دائما إثارة النقاط الجوهرية.
ومن أجل الحفاظ على العلاقات الودية داخل العائلة أو مع الأصدقاء، ينصح خبراء النقاش باتباع بعض الخطوات حتى تكون النقاشات السياسية بنّاءة ولا تنتهي بأي خلافات أو مشاحنات.
من المحتمل أنك لست مستمعا جيدا كما تعتقد، خاصة عندما يتعلق الأمر بنقاش ساخن حول قضية مهمة.
من المهم أن يفهم الطرفان في أي نقاش طبيعة نقاط الاختلاف بينهما، لذلك عندما تسمع من أحد المقربين رأيا سياسيا لا يعجبك فإن أفضل طريقة للتأكد من أنك تفهم جيدا ما يقوله هو أن تعيد صياغة فكرته أو تلخّصها بدقة.
لا تقع في فخ تحريف ما يقوله الطرف الآخر لجعله يبدو متطرفا أو غير منطقي.
حاول أن تجد أرضية مشتركة مع الطرف الآخر.
إذا كان أحد أفراد عائلتك يعتقد أن الانتخابات قد سُرقت قل له إن 2020 كان عاما غير عادي، وإذا كان يعتقد أن كل الجمهوريين عنصريون، فلا بأس أن تعترف بأن بعض مشرعي الحزب الجمهوري تصرفوا بشكل غير مناسب.
عندما تكون المسألة شائكة يمكنك أن ترد بالقول "أوافق على أن هذه مشكلة صعبة" أو ابحث عن أي شيء تستطيع تأييده في كلام الطرف الآخر.
بمجرد أن تثبت للطرف الآخر أنك استمعت إليه جيدا ووافقت على بعض ما يقوله، يمكنك معرفة ما إذا كان على استعداد لسماعك.
يسمي فريق "بريفر أنجيلز" هذه العملية "التمحور" (Pivoting)، وتتضمن الإشارة إلى أنك على وشك تقديم وجهة نظر مختلفة.
إذا لم يكن الطرف الآخر مستعدا للاستماع إليك فإن الخطوة التالية لا طائل من ورائها.
يمكنك في المقابل تغيير الموضوع أو الاعتذار عن مواصلة النقاش.
من السهل أن يرفض محاورك الاعتراف بالحقائق، لذلك فإن القصص والتجارب الشخصية أفضل وسيلة للإقناع عندما يكون الحوار مع صديق أو فرد من العائلة، لأنه في أسوأ الحالات لن يسخر منك إن لم يقتنع بأفكارك.
تتضمن هذه الخطوة شرح مدى تأثير قضية سياسية محددة على حياتك الشخصية، مثل أن تقول إن "عملي يتراجع بسبب اللوائح الجديدة".
بهذه الطريقة يمكن أن يستوعب الطرف الآخر أنك لا تدافع عن توجهات سياسية أو أشخاص، إنما تهتم بتأثير القرارات على حياتك الخاصة.
تستطيع أيضا ألا تقدم أي وجهة نظر، وتكتفي بعرض أسئلة حول وجهة نظر الطرف الآخر.
يجب أن تكون أسئلتك بعيدة عن منطق الإدانة، مثل "هل هناك أي قانون خاص بالأسلحة يمكن أن تقبل به؟" أو "ما أفضل طريقة لضبط الحدود حسب رأيك؟".
يمكن للإنترنت أن يبرز أسوأ ما في البشر، وقد يصل في حالات التطرف إلى التصيد، تلك الرغبة الغريبة لإيذاء الآخرين والاستمتاع بإثارة غضبهم من خلف شاشات الهواتف دون عواقب.
ثمة شيء ساحر بهذا التطبيق الذي يحملك بين طرقات غرفه المنوعة، لتتسلل في خفة بين هذه وتلك دون استئذان مسبق، وإذا أردت الرحيل ما عليك سوى ضغط اختيار (الخروج بهدوء) دون أن يشعر بك أحد.
في عالم أصبحت فيه السياسة متداخلة في كل شيء مع حياة الناس وتؤثر على قراراتهم اليومية، فمن المحتمل أن ميولك السياسية أصبحت لا تتطابق مع ميول أصدقائك.
لذا كيف تنقذ هذه العلاقة من الخلافات؟
يمكن أن تحدث لغة جسدك فرقا كبيرا في الجدال.
حافظ على وضعية متوازنة، وتجنب لغة الجسد العدوانية مثل تشبيك ذراعيك أو ضم قبضة يدك أو النقر بقدميك.
يمكن أن يوحي هذا بالإساءة إلى متحدثك.
...
215
0