
من قلب دمشق، ومن خارج حدود سوريا، ودّع الملايين المخرج المبدع حاتم علي، الذي وافته المنية قبل أيام على إثر أزمة قلبية تعرّض لها أثناء وجوده في العاصمة المصرية القاهرة.
تلاقت الوجوه في جنازة خيم عليها الحزن والدموع الصادقة من محبي مخرج الروائع الدرامية الذي كان بمثابة الصديق والأستاذ لعدد كبير من الفنانين بمختلف توجهاتهم السياسية ومدارسهم الفنية، العريقة الرصينة والحديثة المتمردة.
حرص كثير من الفنانين على وداع ابن الجولان السورية وداعا صادقا يليق بفنان أفنى حياته الثرية في إحياء حكايات من التاريخ العربي بهزائمه وانتصاراته، وآلام الأجداد وقصص المقاومة الباسلة، ونجح في تجسيد الماضي بلوحات درامية ناطقة تعكس مرآة واقعنا.
وتلقى الفنان جمال سليمان التعازي في وفاة حاتم علي، كأخ وصديق وشريك رحلة الفن الطويلة، فيما يبدو أن آلام سليمان تجاوزت حدود كتابة الرثاء ومساحات الحروف على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فبات يسرد الذكريات في كل حديث، حتى اختلطت لديه مشاعر الفراق لتقترن بآلامه التي عاشها حين فقد والديه.
كتب سليمان -الذي حُرم من المشاركة في جنازة رفيق عمره لأسباب سياسية- رسائل عن حاتم علي الذي شاركه سنوات الصداقة والعمل، وكتب له عما حدث بعد وفاته، كأنهما صديقان التقيا بعد غياب، ليسترجع سليمان ذكريات فقدان والديه اللذين حلَّ عليهما عليّ ضيفا حديثا في نفس المقبرة.
تحدث سليمان لعلي قائلا "أنت محطتك الأخيرة في واحدة من أقدم بقع دمشق، في مقبرة الباب الصغير بين باب الجابية والسويقة، وهي منطقة قضيت فيها طفولتي، وفي نفس المقبرة يرقد والدي ووالدتي رحمهما الله.
مما رأيت في الصور فأنت بجوارهما تماما.
سيستأنسان بجيرتك، فهما يحبانك جدا، وشاهدا كل أعمالك بشغف.
والدي كان مغرما بأعمالك التاريخية".
وتابع سليمان "أما والدتي فقد كانت متعلقة بأعمالك المعاصرة، بدءا من (الفصول الأربعة) إلى (عصي الدمع)، ولم يمهلها الزمن لترى (العرّاب)، ولكن أكثر ما تعلقت به كان (التغريبة الفلسطينية)، وشاهدته مرات ومرات دون كلل ولا ملل، وأظن أن لذلك أسبابا كثيرة منها علاقة أبي صالح بوالدته، فقد كنت أنا أيضا بِكرَها.
وعندما عصف ألزهايمر بها في أواخر أيامها، ومن شدة تعلقها بالمسلسل، نسيت اسمي وأصبحت تناديني: أبو صالح".
واستطرد قائلا "طبعا كما تعرف، لم أكن معها في تلك الأيام، حيث أُغلق باب وطني في وجهي.
وكانت تنتظر عودتي وتسأل دائما: متى سيأتي أبو صالح؟، هل اتصل أبو صالح؟ وعندما كنت أتصل بها كانت تقول لي: كيفك يا أبو صالح، أنا اشتقت لك يا أبو صالح.
في آخر يوم لها في دنيانا استيقظت أختي فجرا على صوتها تنادي أبو صالح، يا أبو صالح، ثم طلبت كأسا من الماء، لكنها لم تنتظر، فقد رحلت قبل أن تشربه، وقبل أن تلتقي بي ثانية".
واختتم سليمان رسالته التي وجهها لأمه في حضور طيف حاتم علي في خياله، "يا أمي يا حبيبتي، ها هو مخرج التغريبة بجوارك، للأقدار معان.
أحيانا".
أما الفنان تيم الحسن فقد نشر عبر حسابه الرسمي على تويتر عدة تغريدات ينعى فيها حاتم علي، قائلا "خسارة لا يمكن تعويضها، وكأن هذه الجملة خلقت لتقال هنا في فقدك المأساوي والموجع، الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة، لك الآن يا حبيبي يا أستاذ حاتم في كل بيت دعاء، وفي كل عين دمعة، وذكرك الطيب يطوف على كل لسان بحب ووجع".
خسارة لايمكن تعويضها وكأن هذه الجملة خلقت لتقال هنا في فقدك المأساوي والموجع .
.
الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة.
.
لك الآن ياحبيبي يااستاذ حاتم في كل بيت دعاء وفي كل عين دمعة وذكرك الطيب يطوف على كل لسان بحب ووجع .
.
صوتك في المقطع هذا في ختام.
.
pic.
twitter.
com/HNKjQnLHxm
— تيم حسن | TIM HASSAN (@actortaim) December 29, 2020
وفي تغريدة سابقة، كتب تيم واصفا فضل حاتم علي على نجاحه الفني قائلا "سيبقى حضورك وصوتك واستماعك وملاحظاتك وتوجيهك وحرصك ماثلين بوجداني، محفورين بوعيي كاسمي، لك فضل كبير في بنائه لن أنساه، وليتني تمكنت من الرد، وهي ديونٌ لا يمكن أن تُرد".
أما الفنانة القديرة منى واصف فلم تستطع السيطرة على دموعها، لكن كلماتها المقتضبة المتداخلة كانت بمثابة رثاء أمّ لولدها، فقد عبّرت عن صدمتها لدى سماعها خبر وفاة حاتم علي، فقالت "لم أصدق الخبر حين سمعته صباحا"، وأضافت "عملت معه عملين مهمين، كان (العرّاب) أحدهما، إذ كان مخرج العمل، ويقوم بدور ابني في نفس الوقت".
وتابعت واصف "لا أعرف ماذا أقول، لكن الله معك يا روحي، الله معك يا ابني، الله معك يا حاتم علي".
أما الفنانة السورية سلاف فواخرجي، فحرصت على حضور الجنازة، وكتبت عبر حسابها الرسمي على تويتر "مع كل من يرحل، يرحل جزء من أرواحنا، وبرحيلك راح مني الكثير يا حاتم".
مع كل من يرحلْ يرحلُ جزء من روحنا … وبرحيلك راح مني الكثير … الكثير … ياحاتم … #حاتم_علي #سلاف_فواخرجي
— Sulaf Fawakherji (@sfawakherji) December 29, 2020
أما الفنان مكسيم خليل فدعا أهل الشام لوداع حاتم علي، قائلا "يا أهالي الشام، حاتم راجع الشام، ودعوه وداع أيقونة فاتت على بيوتكم بكل حب ودفء، وداعا يليق بالأمل والجمال والنجاح"، واصفا علي بـ"أمير المخرجين".
يااهالي الشام.
.
حاتم راجع عالشام.
.
ودعوه وداع ايقونة فاتت على بيوتكم بكل حب .
.
ودفى.
.
ودعوه وداع بليق بالامل والجمال و النجاح يلي قدملنا ياه.
.
وخلى اسم سوريا مضوي بعالم الفن و الانسانية.
ودعوا "امير المخرجين " ونحنا اهل الوفى.
.
كونو جنبه يوم الجمعة ١ كانون التاني #وداعاً_حاتم_علي pic.
twitter.
com/LVbi9mxMNi
— maxim khalil (@MaximKhalil) December 31, 2020
أما الفنان باسل خياط، فنعى حاتم علي قائلا "أحلامك كبيرة يا حبيبي، لمن تركتها ومشيت، سأفتقدني فيك.
.
سأفتقدك يا حبيبي.
رحلت ووالدي في نفس العام.
كان والدي يقول لي إذا كنت مع حاتم فأنا مطمئن، رحلت يا أستاذي، رحل حاتم يا والدي.
.
رحلتما فماذا تركتما وراءكما".
A post shared by Bassel Khaiat | باسل خياط (@basselkhaiatofficial)
أعلن قبل قليل وفاة المخرج السوري حاتم علي عن عمر ناهز 58 عاما، بعد تعرضه لأزمة قلبية خلال وجوده في مصر.
ونعى المخرج الراحل فنانون ومخرجون سوريون ومصريون على مواقع التواصل الاجتماعي، معبرين عن صدمتهم.
توفي في العاصمة المصرية القاهرة المخرج السوري حاتم علي إثر إصابته بذبحة قلبية، بدأ حاتم حياته ممثلا مسرحيا وتلفزيونيا، وبرز في عدد من الأعمال، قبل أن يسطع نجمه كمخرج استثنائي لأعمال مميزة.
تأثيرات حاتم علي على الدراما السورية والمصرية بشكل خاص والعربية عموما كانت واضحة، فهو مخرج متطور ونابغ.
فقد استطاع أن يحفر مكانة واضحة وسط أقرانه.
كشف الممثل السوري المعارض جمال سليمان، عن تحضيراته لأداء شخصية الملك الليبي الراحل محمد إدريس المهدي السنوسي، أول ملوك ليبيا في مرحلة الاستقلال عن الاستعمار الإيطالي.
...
298
0