• الرئيسية
  • |
  • عنا
  • |
  • تواصل
  • | |
  • سجل مجاناً

سينتهي عام 2020 والوصف الذي التصق به سيكون عام الكورونا، وهي الجائحة التي أدّت إلى وفاة مئات الآلاف وإصابة عشرات الملايين من البشر حتى الآن، وفي طريقها لهدم اقتصادات ومؤسسات.
أثّرت الجائحة كذلك بشكل كبير في واقع الإبداع في العالم العربي، ولكنّها لم تكن السبب الوحيد في هذا التأثير السلبي.
وفي هذا الاستطلاع نستمزج آراء كاتبتين ومترجم في مجالات النشر والكتابة الإبداعيّة والترجمة عن مخططاتهم ونجاحها أو عن خيبة الأمل، وكذلك عن المشروعات المقبلة، وعن حياتهم خلال الوباء.
معاوية عبد المجيد، مترجم سوري تعرضت سوق النشر العربية لضربات عدة خلال هذا العام، أولها كان ما حدث في لبنان إذ ماطلت السلطة في تلبية مطالب الجماهير المنتفضة، مما جعل الحراك يتخذ مسارا ثوريا، تمظهر في شكل إضرابات وقطع طرق.
وهذا ما أثّر سلبا في عمل المطابع، فمعظم دور النشر العربية تعتمد على مطابع بيروت في طباعة الكتب وشحنها وتوزيعها.
ثاني الضربات بلا شك هي جائحة كورونا التي انقضّت على كل التجمعات البشرية، فأُلغيت معارض الكتب درءًا لانتقال العدوى وتفشيها.
ثم ارتفع صوت اتحاد الناشرين العرب مطالبا الحكومات العربية بتسهيل عمل الناشرين، خوفا على هذه الحرفة من الضياع والانهيار.
وبعد أن كنا متخوفين جميعا، فوجئنا مسرورين باستمرار عجلة النشر وافتتاح دور نشر جديدة، ولا بد من أن أحدا ما دفع الثمن، فالناشر العربي كان يشتكي سوء الأوضاع حتى قبل كورونا لأسباب محقّة في معظمها.
ثالث الضربات كانت فاجعة بيروت الكبرى المتمثلة بجريمة انفجار المرفأ.
هنا أيضا تخبطت حركة النشر، لا لأن عاصمة المطابع العربية باتت منكوبة فحسب، بل لأن المرفأ يشكل نقطة أساسية في شحن الكتب من المطبعة وتوزيعها إلى عموم البلدان العربية.
دور نشر كثيرة اضطرت إلى استخدام الشحن الجوي، وهو مكلف جدا حتى قبل الفاجعة، فما بالك بسببها وفي أثنائها؟ وبكل الأحوال تبقى المياه الراكدة أخطر من تلك المتحركة، ولا يعلم أحد متى نشهد الانهيار التام لصنعة النشر في العالم العربي، ولا أحد باستطاعته تصور شكل هذا الانهيار أو تنبؤ توقيته أو توقع تداعياته.
الجميع متخوّف من حدوثه، والجميع يعمل في إطار هذا التخوف، يحلمون بأوضاع مثالية، بحيث يستغني المواطن العربي فجأة عن الكتب المقرصنة والمزورة والمضروبة، ويلتفت إلى شراء الكتب الأصلية وقراءتها والإفادة منها، بما يحقق ازدهار النشر عندنا.
وبالنسبة إلي، فإن وتيرة العمل في مجال الترجمة الأدبية تعتمد على اضطرار الناشر إلى إنجاز الكتاب وإصداره بالتزامن مع بداية معرض للكتاب في إحدى العواصم العربية.
ولمّا ألغيت المعارض هذا العام فقد نال الاسترخاء من عملنا الدؤوب، لكنني استطعت العودة بنشاط في أثناء الصيف وأنجزت كل الأعمال التي كانت في قائمة هذه السنة.
ومن بين هذه الأعمال: رواية "الشعلة الخفيّة للملكة لوانا" للأديب الإيطالي الشهير أمبرتو إيكو عن دار الكتاب الجديد، و"حياة البالغين الكاذبة" للروائية الإيطالية إيلينا فيرّانتي عن دار الآداب، و"الرسائل الأخيرة لياكوبو أورتس" للشاعر الإيطالي الكلاسيكي أوغو فوسكولو عن منشورات تكوين والرافدين.
كما أتطلع في العام الجديد إلى ترجمة الأعمال الكاملة للإسباني الراحل كارلوس رويث ثافون (زافون) مع منشورات الجمل، إضافة إلى أعمال إيطالية أخرى.
إسراء النمر، شاعرة مصرية بالنسبة لشخص مثلي لا يخطط، ولا يحلم، لم أشعر بأي خيبة أمل حين فرضت الكورونا علينا المكوث أشهرا في البيت، رغم أن ديواني الأول كان قد صدر بداية العام، ولم أستطع فعل شيء لأجله، لكنني قلت إن عليه أيضا أن يعيش ما أعيشه.
لطالما شعرت بأنه جزء مني، وينبغي أن يمكث هو الآخر في بيته "المكتبة"، وعندما يحين الخروج، سنخرج معا.
بل ذهب خيالي إلى أبعد من ذلك: إن الديوان سعيد مثلي، لأن أحدا لن يراه أو يعبث به.
وتفرغت لنفسي، ومشاعري، إنها المرة الأولى التي أفعل فيها ذلك، فكنت أوزع دائما روحي ووقتي على الآخرين، سواء أكانوا يستحقون ذلك أم لا، لأنني أؤمن بالفناء، وأسعى له في كل ما أقبل عليه، حتى في الحب، "وباذل نفسه في حب من يهواه ليس بمسرف"، لكنني في العزلة، إن كانت عزلة فعلا، شعرت أخيرا بوجودي، وأن علي تنظيم هذا الوجود، وبدأت بالتخطيط لمشروعات إبداعية وحياتية.
وضعت مثلا خطة عمل لديواني الثاني.
أعترف بهذا وأنا أسخر من نفسي، لأنني لا أهدف أبدا للاحتراف، وأنجزت في هذه المدة كتابة نصفه.
الأكثر سخرية من ذلك أنني حسمت عنوانه بكل ما أوتيت من ثقة وحماقة معا، كما وضعت خططا بديلة في حال لم أرضَ عنه عندما أنتهي من كتابته، وهو ما سيحدث في الغالب.
أما عن حياتي فقد صارت أكثر خفة مما مضى، لأنني قررت التسليم لها، كما لو أنني محض موجة، لا تعرف الوقت الذي سيرفعها فيه البحر ثم يلفظها خارجه.
ولم يكن ليحدث ذلك من دون أن أتصالح مع الموت، موتي على وجه الدقة.
إنني مدينة جدا لكورونا، لهذا الوباء الأخضر، لأنه جعلني أرى موتى كثيرين يعبرون تحت نافذتي، لأنه جعلني أخاف من ضياع يوم لم أقل فيه لأحدهم إنني أحبه، لأنه جعلني أبصر الأشياء على حقيقتها.
إنني مدينة جدا، ولا أملك سوى أن أفتح ذراعي لما هو قادم، سواء أكان موتا أم حياة.
سعدية الفاتحي، قاصّة مغربية هذه المرحلة عصيبة على الكون أجمع، لكنها من زاوية أخرى هي درس للأمة وحكمة تفنّن الكون في إرسائها.
كانت لغة الكون لغة واحدة هي الخوف من الفيروس، ولحن الهلع يتراقص بين القانتين الخائفين، إذ لا شيء يضاهي إيماننا بقدرة القدر خيره وشره.
كتب كثيرون عن هذه المرحلة، وتجاوز الأغلب منهم نوبات الفزع التي دبّت في نفوسهم بسبب هذا الفيروس بالكتابة والقراءة، لكن الإنسان مع طول المدة تعايش مع الجائحة وامتثل لقدرة القدر الذي لا مفرّ منه.
وسأحكي لكم هنا عن تجربتي مع الفيروس اللعين.
في بداية الحجر الصحي أحكمت الإغلاق على نفسي وعائلتي، وحاولت جاهدة عدم الاختلاط والابتعاد عن التجمعات، فخروجي  لشراء حاجياتي لسد الجوع كان عقوبة زجرية.
أخرج والكمامة تسد عليّ أنفاسي، والمعقم كان لغة أخرى عليّ تعلمها وإجادتها.
وبحكم طبيعتي فأنا لا أحب التقيد بالأشياء.
كنت مرغمة مجبرة، أذهب وأرجع في الدقيقة نفسها والنفَس نفسه، هاربة من الفيروس وكأنه سيلحق بي كلما سلكت إلى بابي.
مرت الأيام والليالي ثقيلة، وبدأنا نضجر من طبيعة نتطبع بها، من قدر يقف على عتبة الباب، يتربص بنا، خوفا من مؤشر لا قيد له.
كل الأرقام التي كانت تتساقط يوميا كانت تحفر فراغا في داخلنا، نتابعها بخوف وتطلّع إلى مصير مجهول.
مرت الساعات والأيام، توقف حبر الكتابة وتوقف سيل المعاني بداخلنا، حتى رموز الحياة باتت تشكل أرقاما تتهافت على الموت، نكتفي فقط بالعد والانتظار أمام شاشة التلفاز.
لكن وفي ضجة الأرقام التي تحصد الكثير، أراد بعض المثقفين، الذين أشكرهم من هذا المنبر، خلق قنوات وبرامج على الشبكة العنكبوتية، وحاولوا بطريقة إبداعية أن يصنعوا قبة ثقافية تواصلية افتراضية نزعت أغلبنا، ومنهم أنا، من حرب الانتظار تحت سقيفة فيروس لعين.
تابعت مجموعة أنشطة ومجموعة كتاب وشعراء وفنانين تشكيليين، على موجات مختلفة.
هذا التغيير دبّ في روحي نوعا من الحياة التي فقدتها في أثناء الحجر الصحي.
لقد بدأت الحياة تعود، وبدأت كتاباتي تتسرب من قيود الخوف.
قبل الكورونا أصدرت مجموعة قصصية بعنوان "دموع باردة" عام 2018، في حين صدر لي عام 2020 ديوان زجلي "مراية الصهد" عن وزارة الثقافة ورابطة كاتبات المغرب.
ولدي بعض الأعمال التي أشتغل عليها الآن، مثل رواية "الجسد ملعقة"، والمجموعة القصصية الثانية التي ستحمل عنوان "الورم".
بعد الكورونا .
.
تستعيد الثقافة مرآتها التي ترى بها الكاتب الحقيقي.
لا يقتصر تأثير جائحة كورونا على صحة البشر وحياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وإنما يتعدى ذلك إلى اللغات التي يتحدثون بها، فقد أدخلت الجائحة بعض المفردات للغات المحكية بينما اكتسبت بعض الكلمات دلالة خاصة.
رغم جائحة كورونا التي ضربت العالم، فإن مدينة البترا عاصمة الأنباط العرب حازت على المركز الأول بين 500 موقع عالمي بوصفها أكثر المناطق الآمنة، بحسب موقع متخصص بالسياحة العالمية.
تتواصل في بغداد فعاليات معرض الكتاب الدولي الذي يقام هذا العام رغم تفشي جائحة كورونا التي تسببت في تأجيل العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية في مختلف أنحاء العراق.
وجد مبدعون مغاربة في جائحة كورونا مصدر إلهام، وتجاوز بعضهم الصدمة لإبداع أعمال جديدة مثل الكاتبة مريم آيت أحمد وروايتها “تنين ووهان: رحلة حب في جزر كورونا” التي ينظر لها كأول رواية عربية عن الجائحة.
...

سجل تعليقك الأن على المقال