• الرئيسية
  • |
  • عنا
  • |
  • تواصل
  • | |
  • سجل مجاناً

حال دخولك ورشة الأخوين العشي في مدينة حلق الوادي التونسية تحس بشعور مهيب وتكاد تؤدي التحية لمجموعة الجنود الذين يصطفون الواحد تلو الآخر بزيهم العثماني ذي الطابع التونسي.
إنها مجسمات لشخصية القائد العسكري إسماعيل باشا الذي شارك في معركة حلق الوادي سنة 1574، والتي أنهت الاحتلال الإسباني للبلاد، فخلده هاشمي العشي والد إسماعيل وعادل منذ الستينيات في شكل دمية شهيرة في المسرح التونسي تدعى "دمية إسماعيل باشا".
ومسرح الدمى أو فن العرائس هو فن شعبي قديم يعود أصله إلى الثقافات الآسيوية القديمة، وقد ازدهر في البلدان العربية مباشرة بعد سقوط الأندلس في نهاية القرن الـ13، وكان وسيلة لتسلية الناس وتضمن قصصا ذات دلالات قيمية وإنسانية وسياسية.
يجلس الرجل وسط ورشة والده المتواضعة يدق النحاس الذي يعد جزءا لا غنى عنه في اكتمال الدمية، وهو عبارة عن درع مضاد للرصاص، بعد أن نحت أخوه عادل الوجه والرقبة من الخشب الخالص.
ويقول للجزيرة نت "إننا نكمل بعضنا البعض، فأنا أتقن صناعة الدروع النحاسية، فيما يتفنن أخي عادل في نحت تفاصيل الوجه وتخيط أمي الملابس، فعملنا جماعي ويدوي 100%".
وكان والدهما شارك بالدمى يدوية الصنع في عروض كثيرة لاقت نجاحا كبيرا منذ الستينيات، الأمر الذي جعل الدمية بمثابة فرد من العائلة، ورغم تراجع الاهتمام بفن العرائس في تونس فإنهما لم يتخليا عن ذاك الإرث، حسب تعبير إسماعيل.
توفي هاشمي لكن ابنيه أصرا على تبني حرفته ومواصلة صنع الدمى اليدوية رغم صعوبة ذلك، وسط سوق تتنافس فيه صناعات تكنولوجية متنوعة، لكن عادل وإسماعيل أصرا على بقاء الدمية في السوق تقديسا لرمزيتها لدى العائلة.
ليس من الهين نحت دمى متشابهة التفاصيل يدويا، لكن عادل يحاول جاهدا أن يحافظ على ملامح الدمية الأصلية كما صنعها والده أول مرة، فيصب تركيزه على الجزيئات الصغيرة في ملامح الوجه ويرسم بدقة العينين والحاجبين والشوارب وينحت القبعة أو الشاشية ويتقن تلوينها.
أما إسماعيل فهو يبدع في اختيار أشكال الدروع التي تميز الدمية ويحافظ على صنعها من النحاس كما كان يفعل والده، فيقطعه لأجزاء صغيرة حسب حجم كل دمية ويتفنن في نقشه، ويحاول أن يترك بصمة مختلفة في كل درع يصنعه.
أما حياكة ملابس الدمية فتتكفل بها والدة إسماعيل وعادل التي تعلمت صنعها من صديقتها، وهي أخت هاشمي العشي التي كانت وسيطا لتعرفه عليها والزواج منها، والتي لا تزال تساعد ابنيها إلى اليوم في إظهار الدمية بأحسن حلة.
حاول الأخوان عشي المحافظة على وجود دمية إسماعيل باشا في الأسواق رغم تراجع المبيعات مقارنة بالسنوات الماضية، فقررا عدم الاكتفاء بصنعها فقط، بل طورا عملهما بصنع منتجات يدوية أخرى حسب طلب الزبائن.
ويقول إسماعيل للجزيرة نت "صنع دمى إسماعيل باشا وتعلم تفاصيل النقش والنحت فيها منذ الصغر مكننا من تطوير عملنا وتطويع مهاراتنا لتزيين قطع فنية أخرى على غرار الخزائن وقطع الديكور والأثاث بصفة عامة، وجميعها يدوية الصنع، وهي مطلوبة بكثرة في السوق التونسي".
ويؤمن الأخوان عشي بأن الدمى قابلة للتطوير والتجديد حسب الطلب، لكنهما حريصان على المحافظة على الصنع اليدوي، فللأعمال اليدوية طابع خاص وميزة لا تضاهيها الصناعات التكنولوجية، وهي تحافظ على تراث الشعوب رغم بساطتها، فضلا عن كونها تنمي الحس الإبداعي والابتكار.
يشارك الكثير من الأطفال بالدورة الثانية من المهرجان الدولي “روسبينا عاصمة العرائس” بكرنفال يضم ألف عروس، ضمن برنامج تفنن تونس الإبداعي الذي تشارك فيه عدة دول عربية وأوروبية.
على مدار أجيال اعتبرت الصورة النمطية لدمية باربي أنها فتاة تهتم بالمظهر والرشاقة حتى باتت باربي صفة للمهووسات بالموضة، لكن شركة الدمى كسرت الصورة النمطية وقدمتها كرائدة فضاء.
شابة تتم عامها الستين، تغير لون بشرتها تبعا لتغير السياسات، لها العديد من الأصدقاء، وهي حلم كل طفلة، إنها الدمية “باربي” التي يحتفل العالم بمرور ستين عاما على طرحها بالأسواق.
يحرص أحد المطاعم في تايلند على الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي في ظل انتشار فيروس كورونا، وبدأ يطبق فكرة مبتكرة يبدد بها شعور الوحدة عن زواره.
...

سجل تعليقك الأن على المقال