200 عام هو حكم الاحتلال الإسرائيلي على الأسير ماهر الهشلمون (36 عاما)، الذي دخل قبل أيام عامه السابع في السجون.
تبتسم زوجته بهية النتشة وتعرّف نفسها بأنها زوجة هذا الشاب، وأمّ لطفلين: عبادة (13 عاما) ومريم (11 عاما).
صعدنا شقة العائلة في الطابق الخامس من عمارة سكنية في بلدة حلحول شمال الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، اشترتها بهية بعد أن هدم الاحتلال منزل الزوجين بضاحية الزيتون أقصى جنوب مدينة الخليل بعد اعتقاله عام 2014، بتهمة تنفيذ عملية ضد المستوطنين شمال المدينة.
بدت بهية وطفلاها بهمة عالية رغم عودتها من عملها معلمة في مدرسة بعد نهار طويل، كانت تتوقع لحظة اعتقال زوجها أن أكثر حكم عليه هو 25 عاما، ولكنها تفاجأت بعد ذلك بأن الحكم هو 200 عام، وغرامة تبلغ قرابة 4 ملايين شيكل (قرابة مليون و100 ألف دولار).
بدأت بهية تتأقلم سريعا مع الواقع الجديد، رغم أنها لأول مرة في حياتها تمرّ بتجربة قريب أسير.
فالشابة التي كانت تعيش مع زوج يعمل في التجارة بوضع مادي مريح، وتتنقل معه من رحلة إلى أخرى، عاشت لحظات صعبة بداية الاعتقال عام 2014، وعندما علمت أن زوجها نفذ عملية ضد المستوطنين وتلقى 6 رصاصات في جسده، لم تتوقع أن يعود لها حيا.
ما لبثت بهية تلملم جراحها وتبدأ بالتعامل سريعا مع الطفلين كأم وأب، وتنتقل إلى البيت الجديد، وتبدأ بالعمل، وتشتري الشقة وتخطط لسداد ثمنها شهرا بعد شهر، وتبدأ للمرة الأولى زيارة ماهر بعد أشهر طويلة.
تشتاق للحديث معه، وتبدأ سريعا وصف كل شيء مرّ في طريقها، ليوقفها زوجها ويسألها "هل تنظرون إلى السماء المفتوحة بدون شباك؟"، تجيب مستغربة "نعم".
وتقرر بعد ذلك أن تبدأ الحديث عن تفاصيل حياة الأسرى الصغيرة والكبيرة من خلال صفحتها على فيسبوك، ونشر تعليقات مكتوبة وفيديوهات، تتحدث فيها عن حياة الأسرى وتفاصيلها الإنسانية داخل السجون، وعن حياتها الاجتماعية باعتبارها زوجة أسير محكوم عليه بكل هذه السنين.
لم يكتفِ جيش الاحتلال باعتقال ماهر، وإنما داهم وفتش المنزل الجديد مرات ومرات، مما دفعها إلى المضي قدما فيما تسميه هدفها الثاني في حياتها بعد تربية أطفالها، وهو: إيصال رسالة الأسرى وذويهم.
جلست أمام الكاميرا وبدأت بالإسهاب في الحديث عن رسالتها عن حياة الأسرى وأمانيهم داخل السجون، من طعام ساخن في فصل الشتاء، وهواء طلق في فصل الصيف، ومن الملل من اللون الرمادي لجدران السجن، والاشتياق للمساء والغيوم ورؤية القمر كاملا، وللقمة طعام طازجة، وألا تتقسم قطعة لحم على 8 أشخاص أو أن يكون الدجاج مطبوخا قبل أيام ويتم إعادة تقديمه لهم.
وتتحدث بهية للجزيرة نت كذلك عن أطفالها كزوجة أسير، وعن عدم وجود الوالد وخاصة في الأعياد ورمضان والاحتفالات والزيارات العائلية الكبيرة، وعن طعام يجمع العائلة في يوم عطلة، أو وقوف فوق رؤوسهم في مرض أو إشعارهم بالحنان.
نظر عبادة إلى أمه طويلا، وبدأ يذكّرها بأن آخر مرة خرج فيها مع والده كانت إلى أحد المحال التجارية في الخليل، وكان وقتها في الصف الثاني الأساسي، عندما صمت شهرين بعد اعتقال والده، وقال فجأة لأمه "هل يا ترى يرجع الزمان ونرجع إلى ذاك المحل التجاري وأقول لوالدي: بابا لا تتركنا".
تنظر إليه أمه وتقول: لهذا يجب أن نوصل رسالة الأسرى، ونروي للعالم كيف يعيشون وقت الإضرابات والاقتحامات للسجون وفي زمن كورونا، وتسأل "إذا نحن -أهاليهم وأقاربهم الذين نشعر ونعيش معهم في كل كلمة يقولونها- لم نتحدث بها بكل الطرق، فمن يوصل صوت هذا الأسير؟".
تقول بهية إنها تشعر بقوة وطاقة من رب العالمين لتكون سندا لأطفالها، وتوصل رسالتها بكل تفاصيلها التي لا تعيشها وحدها، فهناك قرابة 6 آلاف أسير داخل السجون وآلاف مع أهلهم وأطفالهم بذات الظروف، إن لم تكن أسوأ، وكثير منهم يختارون الصمت لأنه لا مجيب لهم، وبسبب عمق الجرح من واقعهم كفلسطينيين، لكن بهية قررت أن تكون صوت الأسرى وأهاليهم، وأن تصف كل تفاصيل حياتهم كهدف سامٍ تعيشه كل يوم.
رغم أن فكرة سائقة سيارة أجرة في قطاع غزة تبدو غريبة بالنسبة إلى كثيرين في هذا القطاع المحاصر ذي الصبغة المحافظة فإن مشروع تأسيس مكتب لسيارات الأجرة كان يراود نائلة منذ زمن.
نقلت الأسيرة شذى حسن -التي أفرج عنها قبل أيام من عيد الفطر- عشرين رسالة لعائلات الأسيرات، حملت أمنيات بأن يفرَج عنهن قبل العيد القادم في صفقة تبادل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال.
ما سر صبر الفلسطينية جنان وتحملها 18 عاما بانتظار خطيبها الأسير؟ فهي كانت تدرك أن عواقب ارتباطها بفلسطيني ثائر “إما الشهادة أو الاعتقال”، الجزيرة نت رافقتهما في تحضيرات زفافهما.
تخطت فلسطينية خمسينية كل الحواجز الاجتماعية والظروف الاقتصادية الصعبة لأسرتها والتحقت وعشرات من نظيراتها الأمهات قبل عامين بالتدريب العملي لأكثر من 120 ساعة، ثم ما لبثت أن فازت بمشروع ريادي حول الطبخ.
...
452
0