"الفضة مرتبطة بالتراث الشعبي المصري ويعشقها الجميع من النساء إلى الرجال بمصر" بهذه الكلمات استهل محمود علي، صائغ بمنطقة الجمالية بمصر القديمة، حديثه مؤكدًا أنه بمرور الوقت والتقدم التكنولوجي لم تتخل المرأة أو الرجل عن ولعهما بارتداء الحلي سواء الذهب أو الفضة.
وأضاف للجزيرة نت: بل وتطوير الصناعة بحيث تتم عبر دمج الفضة أو الذهب بالأحجار الكريمة النفيسة كالعقيق والزمرد والألماس وغيرها، وهو ما يستهوي المرأة المصرية بصفة خاصة.
يعمل محمود في صناعة الفضة والحلي وتطعيمها بالأحجار الكريمة المختلفة منذ نحو 35 عاما، وهو ما جعله يكتسب خبرة مناسبة في صناعة الحلي الذي تصاغ في أماكن محدودة بمصر على غرار منطقتي خان الخليلي والجمالية.
وحول مراحل الصناعة، يؤكد الصائغ أنه يتم شراء الفضة على هيئة حب من تجار الجملة، حيث يتم تشكيله وتسخينه وتجهيزه على الأشكال المطلوبة، متابعا أن الفضة الحب تكون على عيار 1000، ويتم توصيلها للعيار المناسب للفضة وهو 925 والذي يعد الأفضل والأنقى، ويصل سعر الغرام قبل المصنعية 28 جنيها مصريا (1.
78 دولار أميركي).
وأوضح أن هناك العديد من التشكيلات التي تشهد إقبالا من الزبائن لشراء الفضة المطعمة بالأحجار الكريمة مثل خواتم الرجال، والتوينز والسلاسل والحلق والكوليهات (الأطقم التي تتكون من عقد وأسورة وحلق وخاتم) للسيدات، ويتم تطعيمها بالعديد من الأحجار الكريمة ذات الشعبية مثل الفيروز والعقيق والألماس.
ومع انتشار فيروس كورونا وفترة الركود السياحي، باتت هذه المهنة تعاني من الركود الشديد، وهو ما يراه "محمود" شيئا مؤثرا على المهنة وعلى الصناعة بصفة عامة، في ظل اتجاه الأسر إلى ترشيد الإنفاق والادخار من أجل الطعام والشراب.
ويشير إلى أنه -للأسف في ظل انتشار مهن أخرى كقيادة التوك توك وغيرها- اتجه العمال إلى ترك الصناعة والمهنة والعمل في ظل ضعف العائد المادي الذي يعود عليهم من تعلم صناعة الحلي التي كانت تشغل بال المصريين منذ آلاف السنين.
ويؤكد للجزيرة نت أن السيدات والسياح أبرز الزبائن التي تأتي للشراء، ولكن الأمر انكمش خلال الفترة الماضية لضعف السياحة وارتفاع مستوى المعيشة في ظل التحديات الاقتصادية وضعف مستوى الدخل وارتفاع الأسعار، وعدم ثبات أسعار الحلي بالسوق المصري مما أدى إلى هجرة نحو 70% من الصنايعية ممن كانوا يعملون بهذه المهنة.
وبحسب آيات (طالبة جامعية) فمسألة ارتداء السيدات الذهب والفضة مرتبطة بالأذواق بشكل أكبر، مؤكدة للجزيرة نت أنها تحب الفضة أكثر من الذهب نظرًا لبريق المعدن الرمادي الأخاذ والذي يتم تطعيمه أحيانًا بأحجار كريمة بألوان أخاذة مثل العقيق والفيروز، وهو ما يجعل ارتداء الفضة يشعرها بالراحة النفسية.
وأوضحت أن هناك شقا آخر يتعلق بأسعار الفضة التي تعد أقل نسبيًا من أسعار الذهب المرتفعة، والتي باتت لا تستقر في ظل الأوضاع العالمية لأسعار الذهب.
تقول نهلة (ربة منزل) إنها تعشق أي حلي أو معادن نفيسة كالأحجار الكريمة، مثلما تفعل أغلب السيدات، لافتة إلى أن الذهب والفضة من أساسيات الزينة.
ولفتت إلى أن الفضة من المعادن الجميلة والتي تضفي مظهرا جميلا خاصة إذا كانت مطعمة بالأحجار الكريمة الملونة ذات الشكل الجميل، متابعة أنه في ظل الظروف الاقتصادية بات من الصعب شراء الذهب الذي يزداد سعر الغرام به على 800 جنيه (50.
86 دولارا أميركيا) وأعلى من ذلك أحيانًا، مما يجعل الفضة والأحجار الكريمة خيارا مثاليا للراغبين بشراء الحلي سواء للزواج أو من أجل الزينة.
أظهرت البرديات المصرية القديمة أهمية الفضة التي عشقتها النساء وأقبل عليها الرجال قبل آلاف السنين، حيث استخدمت من قبل المصريات للزينة، وللرجال للدلالة على الثراء.
كما استخدمت لممارسة الطقوس الدينية والعقائدية خلال مراسم الجنائز، إذ كان يتم تحنيط الموتى بمرافقة حليهم اعتقادا بحمايتهم من شرور العالم السفلي.
وكانت المرأة الفرعونية المطلقة تحصل على 1.
2 قطعة من الفضة و36 كيسا من الحبوب طوال حياتها، وهو ما كشف عنه معهد الدراسات الشرقية بجامعة شيكاغو الأميركية، وقد عبرت عنه بردية مصرية عمرها 2480 عامًا كتبت باللغة الديموطيقية بطول 2.
4 متر.
واستخدم المصريون القدماء أيضا المعادن النفيسة والأحجار الكريمة لتطعيمها بالفضة والذهب، وكانت الفضة أغلى من الذهب حتّى حوالي القرن 15 قبل الميلاد لأسباب تتعلق بندرة المعدن مقارنة بالذهب الذي كان متوفرا في البلاد بكثرة آنذاك.
وأصبحت تطلب من أكثر من بلد، وأسهمت بذلك في إبراز جمال اللغة العربية وأحرفها.
يثير تاريخ المجوهرات الاهتمام لأنه يجعلنا نفهم كيف كان الإنسان عبر العصور عاشقا لكل ما هو جميل وحريصا على الاعتناء بالأشياء الثمينة التي تعطي مظهره رونقا خاصا.
فضلت المغربية غيتة بن جلون (32 عاما) الرحيل من كبريات ورشات البناء والمعمار، كمهندسة معمارية، لدقة تفاصيل قرط أو خاتم.
واصلت غيتة شغفها بصناعة الحلي ونقلت خبرتها المعمارية إلى عالم المجوهرات والحلي.
تقول ليلى يوسف إن العمر والحنين مزروعان في الأغراض القديمة، وبعض هذه المقتنيات تقبع في العلب التي تحفظها من الغبار ومرور السنين، وبعضها مرصوص على رفوف المنازل، التي لا تخلو زاوية فيها من تحفة.
جميع الحقوق محفوظة © 2020 شبكة الجزيرة الاعلامية
...
416
0