
أخلد العديد من الأميركيين إلى النوم عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، والأمل يحدوهم بأن يستيقظوا صباح اليوم التالي وقد حملت أصواتهم إلى كرسي الرئاسة أول امرأة -المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون- لكنهم استيقظوا على واقع مختلف، فقد كان الفوز في السباق نحو البيت الأبيض من نصيب المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
ولئن كان فوز ترامب قد مثّل فرحة عارمة للأميركيين الذين صوّتوا له حينها، فقد شكل صدمة لطيف واسع من الأميركيين، إذ كان فوزه مربكا لأنه يتعارض مع ما اعتقدوا أنهم يعرفونه عن بلدهم ومواطنيه.
بهذه المقدمة استهلّت الكاتبة الصحفية الأميركية جنى جونسون مقالا لها -في صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post) تحت عنوان "ليلة انتخابات أخرى تقترب، يحلّ فيها الخوف محل الأمل"- بالقول إن طيفا كبيرا من الأميركيين رأى في فوز ترامب في انتخابات عام 2016 تأكيدا محزنا للشكوك التي تراودهم منذ مدة طويلة، كما مثّل حدثا مؤلما ومغيّرا للحياة بالنسبة لبعضهم فحفّزهم على التحول إلى ناشطين، وأثار لديهم مشاعر ازدراء نحو النظام السياسي في الولايات المتحدة.
فوز ترامب أثار أسئلة كثيرة كما تقول جنى "فبالنسبة للديمقراطيين في الولايات التي صوّتت بشكل غير متوقع لمصلحة ترامب كان السؤال الأبرز: ما الذي حدث؟ أما بالنسبة للعديد ممن شعروا بأنهم مستهدفون من قبل ترامب خلال حملته الانتخابية، فقد كان السؤال الأكثر خطورة: ماذا سيحدث؟"
ووفقا للكاتبة فقد سُجلت خلال الأيام التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات زيادة كبيرة في أعداد الأميركيين الذين يأخذون إجازات مرضية، كما سُجل إقبال على جلسات العلاج النفسي، وكثير من اللغط في وسائل التواصل، وقد شجعت بعض المساجد والمراكز الإسلامية أفراد الجاليات المسلمة على التجمع والحديث عن مخاوفهم علانية، وبذل المختصون في الاستشارات بالمدارس جهدا في مراقبة الطلاب الذين قد يشكل فوز ترامب صدمة لهم، مثل الطلاب المنحدرين من عائلات مهاجرة.
وما زالت صدمة تلك الليلة تخيّم على الحزب الديمقراطي الذي لا يزال أعضاؤه ومناصروه يخشون الوقوع مرة أخرى في الخطأ نفسه الذي ارتكبوه عام 2016.
وقد أعرب العديد من الديمقراطيين عن أنهم لن يسمحوا لأنفسهم بالإفراط في التفاؤل بشأن نتائج الانتخابات العام الحالي، رغم المؤشرات التي تدل على تقدم مرشحهم جو بايدن في السباق نحو البيت الأبيض.
وقد أعربت المواطنة الأميركية ليليانا بولينغر (22 عاما) -التي استطلعت الكاتبة رأيها- عن انعدام ثقتها في أن يحتكم الناخب الأميركي إلى العقل والمنطق في الانتخابات الراهنة، وقالت إن "هناك كثيرا من الأشياء التي أخشى حدوثها في الانتخابات الحالية، والتي لم أكن أخشى حدوثها في انتخابات عام 2016.
إذا احتكم الأميركيون إلى المنطق، فإن بايدن حتما سيفوز.
.
ولكني لا أراهن على سلامة عقلي بشأن ما إذا كان بايدن سيفوز أم لا لأن تلك مقامرة كبيرة".
وكانت ليليانا -التي تخرّجت صيف العام الحالي في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس- قد عاشت صدمة قبل 4 سنوات عندما أُعلن فوز ترامب في الانتخابات، فقد كانت حينها تستعد مع مجموعات من الطلاب للاحتفال بنتائج الانتخابات، وعندما رأوا المنحى الذي تتجه إليه النتائج عادوا إلى السكن الجامعي ليجدوا المكان قد عمّته الفوضى على وقع الأخبار السيئة.
تقول ليليانا "كان الناس يبكون.
أنا من جيل لا يتذكر أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 (لأننا لم نشهدها)، ولكنني أحس أن ما شعرنا به لا بد من أن يكون مشابها لما كانت عليه الحال حينها.
كان الناس يبكون بحرقة في الممرات، كنا خائفين جدا، وسيطر علينا شعور بالقلق".
يصاحب تغير الطبيعة السكانية في الولايات المتحدة تغير الواقع الانتخابي، ليعكس أهمية متزايدة للأقليات العرقية في انتخابات 2020 مع تزايد السكان من الأقليات بنسب أكبر من نسب زيادة السكان البيض.
دعا الرئيس الأميركي مناصريه للتصويت المبكر بالبريد قبل الذهاب لمراكز الاقتراع للتصويت مرة ثانية في انتخابات الرئاسة، بينما حذر مجلس الانتخابات بولاية كارولينا الشمالية من أن التصويت مرتين غير قانوني.
دعت المرشحة السابقة للانتخابات الأميركية هيلاري كلينتون المرشحَ الديمقراطي بايدن لعدم الإقرار بالهزيمة حتى ينتهي فرز الأصوات بالانتخابات المقبلة، وقد رفعت ولايات دعوى ضد ترامب بسبب عرقلة خدمة البريد.
ليس لانتخابات 2020 الرئاسية مثيل في التاريخ الأميركي، فلا شيء طبيعي يرتبط بهذه الانتخابات قبل نحو 90 يوما من موعد إجرائها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
جميع الحقوق محفوظة © 2020 شبكة الجزيرة الاعلامية
...
285
0