قال معهد إيطالي للدراسات الدولية إن الانتشار الواسع لوباء كورونا أثبت أنه يمكن أن يكون معيارا مهما لتقييم آثار واستجابات الدول في مواجهة سيناريوهات الحروب البيولوجية والإرهاب البيولوجي.
وفي مقال منشور بموقع "فورميكي"، تساءل الباحث باولو كريبا في قسم الدفاع والأمن بمركز الدراسات الدولية، ومقره العاصمة روما؛ عن مدى قدرة مختلف الدول في التعامل مع التهديدات الناجمة عن الحروب البيولوجية.
في البداية، يؤكد الباحث أن العالم ليس في خضم حرب بيولوجية، لأن هناك إجماعا واسعا في الأوساط العلمية الدولية على الأصل الطبيعي لفيروس كورونا، رغم الكثير من الشكوك، على الأقل تلك التي عبرت عنها المخابرات الأميركية.
وفي ظل الانتشار الواسع للفيروس، فإن كثيرين في جميع أنحاء العالم يعانون داخل منازلهم من آثار تدابير الاحتواء التي يمكن أن تأمر بها حكوماتهم في حالة شبيهة بالأجواء الناجمة عن هجوم بيولوجي.
ويشير كريبا إلى أن الأسلحة البيولوجية -التي تقوم على استعمال مواد تسبب الأمراض الحية (مثل فيروس أو طفيلي) أو موادة سامة ينتجها كائن آخر- تندرج تحت تعريف "أسلحة الدمار الشامل"، مثل الأسلحة الإشعاعية والكيميائية والنووية، ويؤكد أن استخدامها يبقى مثار جدل، بالنظر إلى عدم القدرة على التنبؤ بمدى آثارها.
ويمكن تصنيف تلك الأسلحة وفقا لمعايير الفتك والعدوى، إذ يمكن لبعضها أن يكون سببا في أمراض مميتة للغاية، كما أن انتشارها أحيانا يكون صعبا ومحدودا للغاية، كما هي الحال في الجمرة الخبيثة أو الريسين.
تأثير مدمروعلى ضوء ما نعيشه حاليا من تأثير مدمر لوباء كورونا على المجتمعات التكنولوجية والمرتبطة للغاية ببعضها البعض، فإن المرء يتساءل: لماذا لم تعد تستخدم هذه الأسلحة اليوم؟ ويجيب الباحث كريبا بالقول إن الأسباب تختلف الجهات الفاعلة حكومية أو غير حكومية التي تقف وراء أصل الهجوم بالأسلحة البيولوجية.
ورغم أن 179 دولة وقعت عام 1972 على اتفاقية الأسلحة البيولوجية، فإن اعتقادا شائعا بأن جميع القوى العسكرية الكبرى في العالم لا تزال تحافظ سرا على قدرات الحرب البيولوجية.
ويرى الكاتب أنه رغم الجدل الذي تثيره تلك الأسلحة، فإنه من غير المستبعد أن تكون بعض الدول التي تربط بقاءها على رقعة الشطرنج الجيوسياسية الدولية بامتلاكها قدرات ردع قوية، تستمر في إنتاج الأسلحة البيولوجية والاحتفاظ بها.
ويؤكد الكاتب أن استخدام هذه الأسلحة على نطاق واسع يعد من المحرمات، لأن مفعولها شبيه بالأسلحة النووية، ويمثل تهديدا للبرية جمعاء، وبالتالي فإنه لن تجرؤ أي دولة اليوم -بصرف النظر عن مبرراتها- على استخدام الأسلحة البيولوجية لأغراض عسكرية.
وعلى ضوء ذلك، يخلص الكاتب إلى أن الوباء الحالي يعد ظرفية مناسبة بالنسبة للمراقبين الدوليين من جميع الخلفيات لتقييم استجابة الدول بشكل فردي أو جماعي للطوارئ والأزمة الناجمة عن ذلك الوباء، مثل التي قد تنجم عن حرب بيولوجية محتملة.
...
251
0