عمر يوسف-ريف حلب
يخيم الحزن والصمت على مدينة عفرين بريف حلب شمالي سوريا، بعد يوم دام أول أمس الثلاثاء قتل فيه أكثر من خمسين مدنيا وأصيب أكثر من مئة جريح، جراء انفجار صهريج مفخخ وسط سوق المدينة في خامس أيام شهر رمضان، وباتت المدينة شبه خالية من الحركة والحياة، وسط تشديد أمني غير مسبوق.
ويروي سكان المدينة المنكوبة التي تحتضن آلاف النازحين، أن تفجير الثلاثاء هو الأشد دموية منذ سنوات، في ظل ظروف النزوح الصعبة التي يعيشونها والمخاوف من انتشار عدوى فيروس كورونا.
وبالقرب من مقبرة المدينة، دفنت فرق الدفاع المدني أكثر من عشرين جثة، ضمن ما يشبه مقبرة جماعية، بعد تعذر التعرف على أصحابها جراء تفحم جثامينهم التي أحرقتها ألسنة اللهب نتيجة الانفجار الهائل.
في شوارع المدينة، نُصب العديد من خيم العزاء للضحايا، في الوقت الذي أوقعت الحادثة أهالي القتلى في حالة من الصمت والذهول.
لحظات مؤلمةولا تزال أم علي النازحة من غوطة دمشق غير مصدقة فقدان ابنها الشاب اليافع أحمد غنوم، الذي قضى في التفجير مع عدد من رفاقه لدى عودته من عمله عصر يوم الثلاثاء وسط مدينة عفرين.
وتروي أم علي للجزيرة نت وهي تغالب البكاء لحظات مؤلمة حول رحيل ابنها الوحيد أحمد، بعد وفاة شقيقه الأكبر في المعارك بين المعارضة السورية والنظام السوري قبل سنوات في الغوطة الشرقية مسقط رأس العائلة.
تقول أم علي إن أسرتها مرت بظروف صعبة للغاية، بدءا من حصار الغوطة وقصف النظام ورحيل ابنها البكر علي، ومن ثم رحلة النزوح إلى الشمال السوري، لينتهي بها المطاف في مدينة عفرين بريف حلب، حيث غلاء المعيشة وصعوبة تأمين السكن والعمل.
وتضيف أم علي أن ابنها اليافع أحمد اضطر للعمل من أجل تأمين رزقه، حيث بدأ بالعمل في تركيب اللافتات الإعلانية لدى إحدى المطابع في عفرين.
أهوال على أهوالوتشير الأم المكلومة للجزيرة نت كيف وصلها نبأ التفجير وفقدان ابنها أحمد بين الجثامين المحترقة في مكان الحادثة، حيث أخبرتها فرق الدفاع المدني أن ابنها لم يتم التعرف على هويته، وهو ما زاد من الحزن والألم لدى الأسرة النازحة.
وتتساءل أم علي عن الذنب الذي اقترفه ابنها حتى يقتل مع عشرات المدنيين في تفجير أحرق شارعا بأكمله بمن فيه من المدنيين.
في حين يصف نديم ابن عم بلال السيد -أحد ضحايا التفجير- المشهد واحتراق المدنيين بأنه يشيب له شعر الرأس، ولا سيما أن تفقد عزيزا في لحظات صادمة.
وبصوت مرتجف يقول نديم إن نازحي الغوطة مرّت عليهم أهوال القصف الكيمياوي وشتى أنواع الصواريخ، لكنهم لم يتوقعوا أن يواجهوا مثل هذا التفجير المرعب في عفرين، بعد ظنهم أنهم في مأمن بعد النزوح إلى الشمال السوري.
مدينة مغلقةومنذ فجر أمس الأربعاء، ضربت القوى الأمنية من الشرطة العسكرية طوقا أمنيا كبيرا على مداخل المدينة ومخارجها، ونصبت عشرات نقاط التفتيش في الشوارع الرئيسية والأسواق، لتصبح عفرين مدينة مغلقة حتى إشعار آخر.
وينتاب السكان حالة من الخوف والشك من تكرار المشهد في المدينة، وسط مطالب شعبية باستقالة القادة الأمنيين لفشلهم في المحافظة على الأمن، ولوقوع تفجيرات سابقة سقط فيها ضحايا من المدنيين، بحسب ما يقولون.
...
282
0