إسماعيل جبريل تيسو-الخرطوم
مع تنفيذ الحظر الكامل للتجول بولاية الخرطوم، حاصرت المواطنين ضائقة معيشية طاحنة، اضطروا معها لكسر حاجز الحظر والخروج من منازلهم طلبا لاحتياجاتهم الضرورية، الأمر الذي أوقعهم في مواجهات مباشرة مع السلطات المختصة.
واجتاحت أزمة خانقة المحطات والميادين العامة التي خصصتها السلطات للتزود بالغاز خلال فترة الحظر الكامل، وامتدت صفوف المواطنين المنتظرين لساعات طويلة.
وطبقا لمسؤول بوزارة الطاقة والتعدين فضل حجب اسمه، فشلت السيارات والناقلات المخصصة لغاز الطبخ في استخراج تصاريح إذن الحركة مع بدء سريان الحظر الكامل للتجول في ولاية الخرطوم، مما أدى إلى تكدس المواطنين في الميادين المخصصة للتوزيع، فعاد معظمهم بخُفّي حُنين.
وقال المسؤول في حديثه للجزيرة نت إن سيناريو أزمة غاز الطهي في السودان ظل يتجدد من حين لآخر، بسبب الشح الذي ينتج جراء العجز في سداد مصروفات البواخر في ميناء بورتسودان، بجانب بعض المشكلات الإدارية.
وكشف عن صعوبات بالغة تواجه وزارة الطاقة والتعدين في إيجاد حلول جذرية لأزمة غاز الطهي بسبب الندرة التي تحدث غالبا لتأخر عمليات الاستيراد من الخارج جراء العجز في توفير النقد الأجنبي، حيث تكلف الباخرة الواحدة 29 مليون دولار، بينما تحتاج الوزارة شهريا إلى 211 مليون دولار لتغطية العجز في المحروقات (غاز، بنزين، غازولين).
ارتفاع أسعار الاسطواناتلأكثر من ثلاثة أسابيع يكابد المواطنون في ولاية الخرطوم بحثا عن غاز الطهي الذي ارتفع سعر تعبئة أسطوانته زنة 12.
5 كلغ من 140 جنيها (نحو 2.
5 دولار) إلى 500 جنيه في السوق السوداء.
وتستهلك ولاية الخرطوم يوميا 750 طنا من غاز الطعام، وهي تمثل نحو 50% من جملة استهلاك السودان البالغة 1550 طنا، بحسب إدارة الإمدادات في وزارة الطاقة والتعدين.
وتخصص إدارة الإمدادات 550 من الأنابيب والأسطوانات للمواطنين، بينما تستهلك المخابز والأفران 200 أنبوبة وأسطوانة يوميا.
وتنتج مصفاة الخرطوم 50% من نسبة الطاقة الكلية لاستهلاك السودان، بينما يتم استيراد الكمية المتبقية من خارج السودان.
وقال المدير العام لإدارة الإمدادات بوزارة الطاقة والتعدين جمال حسن عبد الله إن الوزارة توجه كل الغاز المنتج من المصفاة لصالح ولاية الخرطوم، بينما يتم توجيه المستورد إلى ولايات السودان.
أسباب الأزمةحول أسباب الأزمة الحالية لغاز الطهي في السودان، قال عبد الله للجزيرة نت إن السبب يعود إلى تأخر استيراد الغاز بسبب مشكلات تواجه إجراءات تفريغ البواخر بميناء بورتسودان.
واتهم المدير العام لإدارة الإمدادات بوزارة الطاقة السماسرة والوسطاء بالوقوف وراء تفاقم الأزمة الحالية في ولاية الخرطوم، بتهريبهم الأسطوانات إلى الولايات وبيعها بأسعار مضاعفة.
ونفى عبد الله وجود إشكالات في قنوات توزيع غاز الطبخ جراء تداعيات الحظر الكامل، وقال "كان يمكن أن ينعكس الحظر إيجابا على عمليات التوزيع في ظل محدودية الحركة، ولكن الندرة التي أحدثتها مشكلة تفريغ البواخر في بورتسودان انعكست سلبا على الأزمة الحالية".
معاناة المواطنينتنتقد أماني بخيت (مواطنة بمنطقة السَّلَمَة جنوب الخرطوم) فكرة تخصيص السلطات ميادين عامة للتزود بالغاز، وتقول للجزيرة نت إن التجمعات الغفيرة تهزم الهدف الرئيسي من فرض الحظر الكامل، وتعرض حياة المواطنين لخطر الإصابة بوباء كورونا.
وتتأسف أماني على عدم مراعاة السلطات المختصة للندرة الموجودة أصلا في غاز الطبخ، بتخصيص ميادين دون أن تطمئن المواطنين الذين تجمهروا بين أيدي الهلع للظفر بأكبر قدر من أسطوانات وأنابيب الغاز.
وحول رؤيتها لكيفية تجاوز الأزمة الحالية، تقترح أماني أن يتم تخصيص ميدان واحد في كل حي بدلا من تجميع عدة أحياء، مما يساعد في الحد من ظاهرة ازدحام الميادين، ويخلّص المواطنين في الوقت ذاته من عبء الترحيل، خاصة مع فرض حظر على تحرك السيارات الخاصة والمركبات العامة.
تعهدات بحل المشكلةمن جانبها، تقول انتصار عوض (مواطنة من منطقة بحري شمال الخرطوم) إن تحديد ميادين عامة لتوزيع غاز الطبخ وفي ظل انعدام الوعي واستخفاف بعض المواطنين بخطورة جائحة كورونا، "سيزيد الطين بلة".
وتناشد المواطنة انتصار السلطات المختصة في ولاية الخرطوم الاستعانة بشباب لجان المقاومة في الأحياء، حيث اعتبرت تجربتهم في توزيع الخبز ناجحة من خلال تسجيل الأسماء وتوزيعها على وكلاء شركات الغاز، كل حسب نوعية الأسطوانة، مما يقلل من الازدحام ويخلق نوعا من الاطمئنان لدى المواطنين.
ومع اعترافه بأن طريقة توزيع غاز الطهي في الميادين العامة ليست المثلى للبيع، يقول المدير العام لإدارة الإمدادات بوزارة الطاقة إنهم مضطرون للاستمرار فيها ومعالجة الإخفاقات، إلى حين انتهاء فترة الحظر الكامل والعودة إلى البيع في المحطات ومراكز التوزيع.
وأعلن عبد الله في حديثه للجزيرة نت أن الوزارة تستهدف توزيع 40 ألف أسطوانة من غاز الطبخ للبيع المباشر في الميادين العامة بولاية الخرطوم يوميا، مؤكدا استمرار الجهود حتى بلوغ الحجم المستهدف وتغطية حاجة المواطنين، بعد جدولة عمال الشركات واستخراج تصاريح الحركة الخاصة بهم في ظل الحظر الكامل.
وتعهد بمعالجة مشكلة غاز الطهي في الخرطوم خلال 48 ساعة، حيث أعلن عن إجراءات تجري حاليا لتخليص باخرة غاز مستورد في ميناء بورتسودان ستسهم -بحسبه- في انفراج الأزمة.
...
374
0 