محمد عبد الله-القاهرة
تستقبل مصر هذه الأيام واحد من أهم مواسم الحصاد هذا العام، بجني محصول القمح من نحو 3.
4 ملايين فدان، أي ما يقدر بنحو تسعة ملايين طن، بالتزامن مع تزايد المخاوف العالمية بشأن الإمدادات الغذائية، ورغبة الدول المصدرة في تعزيز احتياطياتها بسبب جائحة فيروس كورونا.
وحذر مديرو منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، في بيان مشترك مطلع الشهر الجاري، من خطر حصول نقص في المواد الغذائية بسبب فيروس كورونا، قائلين إن "الغموض حول توفر الغذاء يمكن أن يتسبب بموجة قيود على التصدير التي قد تسبب بدورها نقص في السوق العالمية".
ومصر هي أكبر مشتر للقمح في العالم، بنحو سبعة ملايين طن (القطاع الحكومي فقط)، ومن المقرر أن تشتري الحكومة 3.
6 ملايين طن قمح من الفلاحين، وهي أقل من نسبة النصف التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى وجود احتياطي حالي يكفي لثلاثة أشهر.
فاتورة القمح بمصرتعتمد مصر بشكل كبير على القمح في غذائها باستهلاك أكثر من 16 مليون طن قمح سنويا، من بينها نحو تسعة ملايين طن لإنتاج الخبز المدعوم، الذي يُصرف على البطاقات التموينية لإنتاج ما يقرب من 270 مليون رغيف يوميا، يستفيد منها 71 مليون مواطن.
ولا يكفي الإنتاج المحلي سوى 34.
5% من احتياجات مصر من القمح، وفق الجهاز المركزي للإحصاء، وبلغ إجمالي ما تم استيراده في 2019 نحو 13 مليون طن، منها سبعة ملايين طن للقطاع العام (هيئة السلع التموينية) ونحو ستة ملايين طن للقطاع الخاص بفاتورة تجاوزت ثلاثة مليارات دولار.
وتعتزم مصر استيراد 800 ألف طن من القمح أثناء موسم التوريد المحلي لتأمين احتياطياتها من القمح والخبز، حيث قررت أكبر دول مصدرة للقمح إلى مصر مثل روسيا وأوكرانيا ورومانيا تقييد شحنات الحبوب لحماية أمنها الغذائي في مواجهة جائحة فيروس كورونا.
ومن ناحية أخرى أعلن وزير التموين المصري عن أسعار توريد القمح المحلي لعام 2020 بزيادة قدرها 15 جنيها فقط (نحو واحد دولار)، عند 700 جنيه للأردب (الدولار 15.
7 جنيه)، وهو أعلى من السعر العالمي دعما للفلاح.
سعر غير عادل وقلل مستشار وزير التموين المصري الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات، من قيمة الزيادة الجديدة، قائلا "تحديد الحكومة سعر القمح المصري بين 670 و700 جنيه للأردب هو سعر مجحف للفلاح المصري، ولا يغطي الزيادة في تكاليف الزراعة والتقاوي والأسمدة وإيجار الأرض وتكلفة العمالة المستخدمة في الحصاد، ويبخس من قيمته الحقيقية".
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن خسائر مزارعي القمح هذا العام ستزيد على وجه الخصوص بسبب تلف نسبة كبيرة من المحصول بفعل السيول والأمطار التي ضربت البلاد قبل أسابيع قليلة من الحصاد وتسببت في تلف الحبوب وامتناع الحكومة عن تعويض المزارعين.
وفند بركات مقارنة الحكومة القمح المصري بالقمح الروسي المستورد، قائلا "الحديث عن أن السعر المحلي أعلى من السعر العالمي خدعة، فالقمح المصري هو أفضل أنواع القمح في العالم من حيث انخفاض نسبة الرطوبة وارتفاع نسبة البروتين ودرجة النقاوة، ويمكن أن يزيد سعره عن القمح الأميركي من الدرجة الأولى، والذي يزيد سعره مئة دولار عن باقي الأنواع".
القمح المحلي الأجود غير أن نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، رأى أن السعر المعلن من الدولة عادل، قائلا "يبدأ موسم الحصاد منذ منتصف أبريل/نيسان الحالي ويستمر حتى منتصف يوليو/تموز لمدة ثلاثة شهور، والسعر المعلن يزيد عن سعر العام الماضي 15 جنيها لكل أردب بحسب درجة النقاوة، في متوسط 18 أردب للفدان فهو سعر مقبول خاصة في ظل تدني الأسعار العالمية".
ولكنه أكد للجزيرة نت أنه يجب على الدولة عدم مقارنة سعر الشراء بالسعر العالمي، لأنها وفق الدستور ملتزمة بشراء المحصول من الفلاح بهامش ربح جيد أيا كان السعر العالمي منخفضا أو مرتفعا تشجيعا للفلاح.
وبشأن خيارات الحكومة المصرية لتأمين إمداداتها من القمح، شدد صدام على أن القمح أهم سلعة يجب توافرها في ظل تفشي أزمة كورونا، ورغم ذلك لا توجد إمكانية لشراء كل المنتج المحلي لأسباب كثيرة، من بينها السعة التخزينية لدى الدولة (نحو أربعمئة ملايين طن)، كما أن الفلاح يحتفظ بجزء لاحتياجاته، مشيرا إلى ضرورة ترشيد استهلاك المواطنين لرغيف الخبز.
...
280
0