منذ منتصف مارس/آذار الماضي أصبحت إيطاليا بؤرة لفيروس كورونا المستجد الذي حصد أرواح الآلاف من سكانها وأصاب عشرات الآلاف، وحول المستشفيات إلى ساحة حرب لا تهدأ ضد الوباء الفتاك.
صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريرا يضم صورا وشهادات لبعض العاملين في القطاع الصحي بإيطاليا في المناطق الأكثر تضررا بالوباء، والذين كانوا خط الدفاع الأول في المعركة ضد الفيروس.
في لومبارديا، التي كانت أول منطقة بإيطاليا ينتشر فيها الفيروس، أصبح النظام الصحي الغني والمتقدم فجأة ساحة حرب -تقول الصحيفة- فعمدت المستشفيات إلى زيادة سعة وحدات العناية المركزة، كما جهزت جميع أجنحة المستشفيات بأجهزة التنفس الاصطناعي وزودت ممرات المرافق الصحية بأعداد كبيرة من خزانات الأكسجين والأسرة لاستيعاب المزيد من المصابين.
وأشارت الصحيفة إلى أن العاملين بالقطاع الصحي من أطباء وممرضين وعاملين في خدمة الإسعاف ومتطوعين وجدوا أنفسهم مضطرين للعمل ليل نهار لإنقاذ أرواح المصابين الذين اكتظت بهم غرف الطوارئ في مستشفيات المنطقة.
وانتشرت في مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي صور لممرضات وقد انهرن على مكاتبهن من شدة الإعياء، وأطباء تحمل وجوههم آثار الأقنعة الضيقة التي يرتدونها خلال ساعات العمل الطويلة والشاقة.
وأوردت الصحيفة إفادات بعض الأطباء والممرضين الذين يعملون دون توقف لمعالجة المصابين الذين ازدحمت بهم المستشفيات حتى تجاوزت طاقتها الاستيعابية القصوى، من بينهم الدكتور ماركو ريزي (63 عاما) مدير وحدة الأمراض المعدية بمستشفى بابا جيوفاني في برغامو الذي عبر عن ألمه لما يجري، وقال "من المؤلم أن ترى سيارات الإسعاف مصطفة عند مدخل المستشفى، ولا تعرف أين ستضع المرضى وكيف ستعالجهم.
كل ذلك سيترك بصمة لا تمحى".
وتقول رئيسة قسم التمريض بنفس المستشفى الممرضة آنا زانوتي التي تبلغ من العمر 58 عاما "تعجز الكلمات عن وصف الوضع الذي نعيشه هنا، نحن مدمرون".
لا أقول "اطمئنوا" أما المتطوع في وحدة الطوارئ كريستيان روفرسي (43 عاما) فيقول "أنا في المكان الذي يصل إليه المرضى أول قدومهم، هناك خيمة كبيرة أمام المستشفى بمثابة غرفة انتظار.
الناس هناك لا يتحدثون كثيرا لأنهم خائفون، تحاول منحهم لحظة دعم.
لا يمكنني أن أقول لهم لا تقلقوا كل شيء سيكون على ما يرام، ولكن يمكنني محاولة تهدئتهم.
أقول لهم الآن أنتم في أيد أمينة".
كما لخصت تجربتها باولا سبيري (52 عاما) رئيسة قسم التمريض بوحدة الأمراض المعدية، في مستشفى لويغي ساكو بمدينة ميلان، باولا سبيري التي تبلغ من العمر 52 عاما، خلال أسابيع عصيبة من التعاطي مع المصابين، قائلة "إن الشيء الأكثر صدمة هو رؤية الخوف في عيون المرضى، خاصة المصابين الأصغر سنا، إنهم يعتمدون علينا بالكامل، ويخشى العديد منهم في الليل أن يناموا ولا يتمكنون من الاستيقاظ مرة أخرى".
ومن بين ما أوردته الصحيفة أيضا إفادة للطبيبة جيوديتا لوكا (43 عاما) الأخصائية في الطب الشرعي في سلاح البحرية التي ابتعثت للعمل في مستشفى بابا جيوفاني، بمدينة برغامو.
تقول "هناك شعور بأن العدو يتربص بك في كل مكان، ويمكنك مشاهدة ذلك طول الوقت في أعين الناس الذين يعيشون هنا.
إنهم يعبرون عن شعورهم العميق بالخسارة رغم عدم رغبتهم في ذلك.
هذه ندوب تبقى داخل الانسان".
...
269
0