آمال الهلالي-تونس
على غير عادته، خرج وزير الصحة عبد اللطيف المكي أمام الإعلاميين يغالب دموعه، وبنبرة تأثر شديدة، حذر التونسيين من سيناريوهات لا يُحمد عقباها في حال استمر خرق المواطنين إجراءات الحجر الصحي الذي فرضته السلطات.
المكي، الذي سبق أن أشاد بالإجراءات الصحية الاستباقية التي اتخذتها السلطات قبيل انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في البلاد؛ عبر خلال ندوة صحفية عن مخاوفه من نسف تلك الجهود بسبب "استهتار فئة قليلة"، قائلا "لا تتركوا فئة صغيرة تعصف بجهد شعب ومؤسساته".
وكشف وزير الصحة عن أن 80% من المصابين ممن ينقلون إلى الإنعاش يموتون في المستشفيات، وبعضهم لا يتجاوز الثلاثين من عمره، محذرا من سيناريوهات دراماتيكية في ظل الانتشار السريع للعدوى، وتكتم بعض المواطنين على إصاباتهم، ورفضهم الذهاب للمستشفيات.
وبلغ عدد الإصابات المؤكدة في تونس -حسب آخر إحصائية من وزارة الصحة- 623 حالة، من جملة 8274 تحليلا، في حين بلغ عدد الوفيات 23.
صيحة فزعواعتبرت حنان التيويري رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى الرابطة، والعضو في اللجنة القارة لمتابعة انتشار فيروس كورونا؛ أن استهتار فئة كبيرة من التونسيين بإجراءات الحجر الصحي في ظل ذروة انتشار العدوى دفعت وزير الصحة ومن ورائه المؤسسة الصحية إلى إطلاق صيحة فزع.
وشددت في حديثها للجزيرة نت على أن الجهود الاستباقية التي بذلتها وزارة الصحة وغيرها من الوزارات، سواء بغلق الحدود أو فرض الحجر الصحي الإجباري للعائدين من المناطق الموبوءة؛ أعطى نتائج إيجابية، لكن حالة الانفلات التي رُصدت هذه الأيام تنذر بكارثة صحية، في ظل اتخاذ العدوى منحى أفقيا.
ولفتت إلى أن الإستراتيجية الوطنية التي وضعتها الدولة لمقاومة الوباء تهدف أساسا إلى التقليل من الإصابات المؤكدة في المدة الزمنية نفسها، والحد من اكتظاظ المستشفيات، تجنبا لسيناريوهات مأساوية حدثت في دول كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وحتى لا يجبر الطبيب على الاختيار بين مريض وآخر لإنقاذه.
دموع زيتونوكانت مشاهد صادمة لاحتشاد وتدافع مئات المواطنين أمام مراكز البريد ومقرات المعتمديات في مناطق متفرقة من محافظات البلاد، أثارت حفيظة التونسيين، خاصة المسؤولين الطبيين.
وسعت الدولة لاحتواء غضب آلاف التونسيين من ذوي الدخل المحدود، وممن فقدوا مصدر رزقهم بسبب الحظر الصحي الشامل، عبر توزيع إعانة مالية، لكن يبدو أن تداعياتها الصحية باتت عكسية، وأكثر كارثية بسبب تكدس مستحقيها أمام مراكز سحب الأموال.
من جهته، لم يتمالك وزير الشؤون المحلية لطفي زيتون نفسه من البكاء خلال استضافته بأحد البرامج التلفزية، معبرا عن تفهمه لخرق بعض الفئات الفقيرة إجراءات الحجر الصحي، والمخاطرة بحياتهم في سبيل الحصول على بعض المعونات المالية أو الغذائية، موجها اعتذاره لهم أمام عجز الدولة.
بدوره، حذر وزير الداخلية هشام المشيشي، خلال ندوة صحفية مشتركة مع وزير الصحة، من أن السلطات لن تتردد في اتخاذ إجراءات ردعية ضد مخالفي إجراءات الحجر الصحي وحظر التجول، سواء بإيقاف العربات والأشخاص أو فرض الإقامة الجبرية.
وشدد على أنه سيقع توجيه تهمة القتل العمد أو القتل على وجه الخطأ لكل مصاب يتعمد عدم احترام إجراءات الحجر الصحي، ويتسبب في نقل العدوى لغيره.
ولا يخفي الطبيب بالمستشفى العسكري في تونس ذاكر الهيذب مخاوفه من نسف الجهود التي بذلتها السلطات لاحتواء أزمة كورونا بسبب حالة التسيب التي ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية والتجمعات الشعبية أمام مراكز البريد والمعتمديات.
وفي حديثه للجزيرة نت، لفت إلى أن السلطات كانت تعول على وعي المواطنين واحترامهم إجراءات الحجر الصحي، التي انطلقت بشكل جيد، على أن يتم الذهاب تدريجيا نحو رفعها خلال هذا الشهر، لكن الخروق المسجلة ستدفع نحو التمديد، وفق تعبيره.
وأكد الطبيب -في المقابل- وجود مؤشرات إيجابية تتعلق بارتفاع نسبة المتعافين من الفيروس، لتصل إلى 25 حالة، مقارنة بعدد الوفيات التي بلغت 23.
...
255
0