حسن المصري-القاهرة
على غرار معظم شعوب الأرض لا يعلو صوت بين المصريين فوق صوت الحديث عن فيروس كورونا (كوفيد-19)، خاصة مع الانتشار السريع للفيروس في أرجاء العالم.
ولم تشهد مصر تفشيا واسعا للفيروس وفقا للبيانات الحكومية، حيث أعلنت وزارة الصحة أمس السبت تسجيل 40 إصابة جديدة بفيروس كورونا و6 وفيات، ليرتفع العدد إلى 576 مصابا و36 وفاة.
وكشف المتحدث باسم وزارة الصحة عن عزل عدة مدن وقرى في عشر محافظات، لمنع انتشار فيروس كورونا الذي تسبب حتى الآن في عشرات الوفيات ومئات الإصابات، لكنه لم يذكر المناطق المشمولة بهذا القرار، وفقا لتصريحاته الصحفية.
وعلى الرغم من هذه الأرقام الرسمية المتدنية مقارنة بالدول الموبوءة فإن الخوف سيطر على الشارع المصري الذي تختزن ذاكرته الشعبية أحاديث الأجداد عن الأوبئة والأمراض التي تفشت في مصر قديما وحديثا، وراح ضحيتها آلاف المصريين.
البلهارسيا والأرواح الشريرة في عام 1910 نشر العالم الإنجليزي أرموند روفر في المجلة الطبية البريطانية نتائج بحثه عن المومياوات المصرية القديمة التي يعود تاريخها لنحو 1200 عام قبل الميلاد، موضحا أنها كانت مصابة بمرض البلهارسيا.
وعرف المصري القديم مرض البلهارسيا، واعتقد أنه بسبب الأرواح الشريرة، وهو ما رصده العلماء في العديد من البرديات التي كشفت أن المصري القديم أطلق على البلهارسيا اسم "عاع"، وفقا لبردية "إيبرس"، وهي بردية طبية كتبها الفراعنة عام 1550 قبل الميلاد.
وأظهرت البردية طريقة الوقاية من الإصابة بطفيل البلهارسيا الموجود في المياه العذبة والمستنقعات، بل وتوصلوا للعلاج باستخدام أملاح الأنتيمون الذي عرفت فيما بعد بالقرن الـ19 باسم "الطرطير المقيء" في علاج البلهارسيا.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، توجد كل من البلهارسيا المعوية والبولية في مصر، لكن البلهارسيا المعوية -التي تسبب أمراض الكبد- سائدة في دلتا النيل شمال مصر، بينما البلهارسيا التي تصيب الجهاز البولي سائدة في وادي النيل من جنوب القاهرة وصولا الى أسوان وجنوبها.
وشهدت مصر حملة كبيرة للقضاء على المرض في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وكانت الإعلانات التلفزيونية تكرر على المصريين تحذيرات على مدار الساعة بشأن خطورة الاستحمام في مياه الترع والتي تؤدي إلى الإصابة البلهارسيا.
وضرب الطاعون مصر مرة أخرى عبر السفن القادمة من الخارج، خاصة وقت تفشي المرض بأوروبا، فيما عرف وقتها بالموت الكبير، وتسبب وقتها في مقتل نحو 900 ألف من المصريين في شهري شعبان ورمضان فقط بين عامي 1347 و1349م، وسادت وقتها حالة من الهلع وساءت الأوضاع الاقتصادية بسبب المرض المتفشي، بحسب المؤرخ المصري ابن إياس.
...
284
0